معالم الفكر التربوي عند ابن خلدون
علي محمد جبران*
المقدمة:
يعد ابن خلدون صاحب رؤية حضارية تسعى لنهضة الأمة من جوانب عدة، من أهمها: العمران الإنساني ّ، و التاريخ البشري. وقد كان موسوعياً في تناوله لكثير من العلوم التي تخدم فكره للنهضة الحضارية، وذلك باهتمام ه بالفكر الاقتصادي والتربوي والسياسي، وغير ها من حقول العلم . وقد عرض ابن خلدون المبادىء الأساسية لهذه العلوم، وفق منهجية خاصة به في النظر والتفكير و التحليل، عدت تميزاً كبيراً في زمانه، وفيما بعد . بل إن فكر ابن خلدون يمكن أن يعد واحداًً من المناهج الرئيسية للتغيير والإصلاح.
ولأن مناهج التغيير والإصلاح الفكري عبر العصور لا يمكن أن يتم استيعا ا، إلا بدراسة المنهجية التربوية التي استندت عليها، فإن هذه الورقة سترك ز على البعد التربوي لفكر ابن خلدون، بوصفه واحداً من الأركان الأساسية لمشروع النهضة الحضارية. ولذلك فإن هذه الدراسة التحليلية النقدية، دف إلى بيان أهم معالم البعد المعرفيّ والمنهجي في الفكر التربوي في "مقدمة ابن خلدون ". وسيتم ذلك ضمن عدد من المحاور ، أهمه ا: حقيقة الإنسان ودوره في البناء الحضاري، وحقيقة العلم والتعلم، وحقيقة التعليم، والمنهاج التربوي، والنظام التعليمي، ومؤسسات التعليم، وبيئة التعلم.
ودف الورقة، على وجه التحديد ، إلى بيان طبيعة الإسهام الحقيقي الذي أضافه ابن خلدون إلى الفكر التربوي، وتحديد معالم رؤيته المتكاملة للعمل التربوي ، ودور التربية في صنع الفعل الحضاري. ومن المؤمل أن يسهم ذلك في فهم واقع الأمة المعاصر، وفي ضرورة إيجاد منهجية علمية لرفع مستوى الوعي بالمناهج الفكرية ، التي تصبو إلى صنع التغيير والإصلاح في الأمة.