التربية الجسمية هي عملية تهدف إلى التمكن في القوى العضوية في جسم الإنسان والتي تتحكم بآليات الحواس الخمسة المتمثلة بالسمع والبصر واللمس والشم والذوق, مما يضمن دقة في السمع ودقة في البصر وقدرة على التتبع بشقيه السمعي والبصري كذلك. ثم إن هذه القوى والإمكانيات هي التي تؤهل الطفل للقيام بالحركات البسيطة كالإمساك بالأشياء وبكل أنواع الحركة كالجري والتسلق والمشي والقفز, ثم التمكن من الحركة بإتقان ومهارة وكفاءة وتوازن وتنظيم ورشاقة ومرونة. فالتربية الجسمية هي عملية إعداد الطفل بطريقة سوية من خلال توفير سبل العناية الصحية الكاملة لحياة الطفل, والمحافظة على مختلف الطاقات الجسمية وتعزيزها وتطويرها من أجل التمكن من القيام بأعباء هذه الحياة بالطريقة الصحيحة.

 

كنت يوما في زيارة صديق لي, وجاءت ابنته الصغيرة ذات الثلاث سنوات ونصف لتسلم. فلما كلمتها لم ترد علي بشيء سوى إيماءات فهمت أنها تعبر بها عن فرحتها لوجودي معهم. سألت حينها الأب مستغربا عن عدم قدرتها على النطق, فقال لي يبدو أن حياءها شديد. فقلت له وهل تتكلم معكم إذا؟ فرد: لا. فقلت إذا لا دخل للحياء في ذلك بشيء, فهل عرضت ابنتك على طبيب ليتعرف على سبب عدم نطقها رغم بلوغها السن الذي يؤهلها لمثل هذه المهارة؟ فقال لي: وما الحكمة من ذلك. فوضحت له أنه من المحتمل أن ابنتك عندها ضعف أو بطء في النمو, وان كثيرا من مثل هذه الحالات الحاصلة عند بعض الأطفال يمكن للطب بتوفيق الله عز وجل أن يعالجها على أن يستدركها قبل سن الرابعة من العمر. وفعلا فقد تبين أنها تعاني من هذا النوع من الضعف وأخذ في علاجها. إن مثل هذه الحالات بحاجة إلى انتباه شديد كي يتم الاستدراك والمعالجة والأخذ بالأسباب والشافي هو الله. وقياسا على ذلك حالات ضعف النظر وضعف السمع. إن على أولياء الأمور والمربين أن يختبروا أطفالهم في سن مبكرة في كلامهم وسمعهم وبصرهم, كي يتمكنوا من العمل على تقوية أي ضعف في تلك الحواس. ثم ان على أولياء الأمور والمربين أيضا أن يختبروا أطفالهم في كيفية جلوسهم ومشيتهم وركضهم وكل ما يمكن أن يؤثر في كامل صحتهم بغية الاطمئنان الدقيق على الحالة الصحية للطفل قبل فوات الأوان.

 

إن على أولياء الأمور والمربين كذلك أن يحرصوا كل الحرص على كيفية إطعام أطفالهم ومشربهم. أعلم أن هذه من القضايا الرئيسية للوالدين والتي قلما غفل عنها الآباء والأمهات, ولكن الحديث هنا عن نوعية المأكل والمشرب. ويأتي ذلك عن طريق التعويد, فإن تعويد الطفل منذ سنوات عمره الأولى على الأكل الصحي سيحببه بكل ما هو مفيد لجسمه. إن كثيرا من أطفالنا يفضلون "الساندويتشات" السريعة على الأكل الذي تعبت من أجله الأم. ثم إن كثيرا من أطفالنا متعلقون بما يسمونه "الأشياء الزاكية", ولكن لو جئنا ننظر لاختيارهم لوجدنا أن كثيرا من تلك الخيارات لا نفع لها, بل إن ضرر بعضها أكثر من نفعه. هنا يأتي دور الوالدين لإقناع أطفالهم من بداية الطريق بما هو مفيد من أنواع العصائر والبسكويت وغيرها وكل ما هو محبب لهم, من أجل أن تستقيم تربيتهم الجسمية.