تقييم المستخدم: 1 / 5

تفعيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

لو أني سألت أناسا كيف تصفون الأطفال, لقال لي البعض أنهم يمثلون البراءة, أو الصفاء والنقاء, أو البساطة أحيانا. ولكن البعض الآخر سيقول أنهم يمثلون المشاكسة والمشاغبة, أو الحركة المفرطة والإزعاج أحيانا أخرى. وأعتقد أن كلا الفريقين مصيب فيما يذهب إليه, ولكن ما الأصل وما الاستثناء؟. دعونا نحتكم لكلام الله إذ يقول "المال والبنون زينة الحياة الدنيا". فالأطفال زينة الحياة وهم نبضها الذي يعطيها معناها الحقيقي. والزينة في الغالب تكون مقدرة وغالية وتوضع في مكان مرموق من البيت وعادة ما يكون هذا المكان عاليا ليحفظها من أي مكروه. والأطفال ينبغي أن يكونوا كذلك محترمين ومقدرين ومعززين وذوي مكانة مرموقة في نفوس الآخرين. إن الأطفال هم بهجة الحياة ونورها وهم من ينبغي أن يضفي على قلوب ذويهم كل سعادة وهناءة وطمأنينة وسكينة إذا ما عرف قدرهم ورفع شأنهم. وغير ذلك سيكون شاذا عن هذه القاعدة, وبحاجة إلى تعديل ومراجعة كل حسب حالته.

 

إن الطفولة كذلك هي منة ونعمة ومنحة ربانية كبيرة, وعلى من رزقها أن يحمد الله على ذلك ويعرف تماما أنه في خير عظيم, "وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا". إن هذه الآية تأتي في معرض الامتنان على الإنسان بهذه النعمة الكبيرة كي يعرف مدلولها ويعرف قدرها العظيم. إضافة إلى ذلك فان القرآن يؤكد أن الوالدين ينبغي أن يسعيا للنظر إلى الطفولة على أنها هي ما تقر له العيون وتهدأ له النفوس وذلك بمختلف الوسائل العملية ومنها الدعاء, "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما". فالأطفال إذا هم الهبة العظمى التي تجلب قرة العين والطمأنينة وراحة البال للوالدين الكريمين, وما سوى ذلك فهو أيضا استثناء بحاجة إلى مراجعة دقيقة وتصحيح للمسار.

 

وبذلك فان الأطفال هم زينة ونعمة وقرة عين كما يصورها القرآن. وينبغي على كل مرب أن يسعى بكل جهده للحفاظ على هذه الصورة المشرقة تجاه الأطفال. وان هذه هي حقيقة الطفولة السليمة وغير ذلك هو استثناء له مبرراته وأسبابه ودوافعه. وأؤكد هنا أن القائمين على تربية الأبناء في السنوات الخمس الأولى هم المسئولون عن تشكيل شخصية الطفل وعن أي تغيير قد يطرأ على حياة الأطفال. وكما أثبتت مختلف الدراسات العلمية فان الشخصية الإنسانية تكتمل تماما في جميع جوانبها الإيمانية والعقلية والوجدانية والاجتماعية والجسمية ما بين السنة الثانية والخامسة من عمر الطفل, وما بعد ذلك ما هو إلا مجرد تطور لما تم التأسيس له. إذا فالمشاكسة والمشاغبة و"كثرة الغلبة" من قبل الأطفال كما يقولون ما هي إلا نتائج لمواقف وسلوكيات بيئية مكتسبة, يتحمل مسئوليتها من ساهم في صنع المناخ المحيط. وعلى أولياء الأمور أن ينتبهوا لذلك منذ الشهور الأولى لعمر الطفل من أجل العمل على غرس المفاهيم الصحيحة وتعميق السلوك القويم, بل ويعملوا على تقويم أي اعوجاج قد يحدث في شخصية الطفل بطرق مختلفة سيتم التطرق إليها فيما بعد.