الطفل لغة: الصغير ويطلق على الذكر كما الأنثى والجماعة أيضا, "ثم نخرجكم طفلا". والطفل: الصغير من كل شيء. والطفل: الحاجة, ولربما يشي ذلك أن الطفل سيبقى بحاجة إلى عون الآخرين حتى يكبر, فالحاجة أصيلة في شخصيته. والطفل كذلك كما يوضح ابن منظور في لسان العرب: الشمس عند غروبها. وما أجملها في ذلك الوقت بضيائها وبريقها الأخاذ, ولعل ذلك كناية على أن الطفل هو صاحب البريق الصافي والقلب الطاهر كما الشمس. كل ذلك تشبيه بالشمس له معناه العميق! ولكن لماذا الشمس عند غروبها؟ إن الطفل سيصل يوما إلى مرحلة من النمو والنضج والتعقل مما يجعل مرحلة الإشعاع هذه تنقضي وبالتالي تغرب مرحلة الطفولة المفعمة بالحيوية. وبذلك على أؤلئك المسئولين آباء وأمهات كانوا أم مربين أن يغتنموا مرحلة البريق هذه والتي تضفي على البيت كل نقاء وصفاء وسعادة وطمأنينة, قبل أن تؤول إلى مرحلة أخرى من الحياة.
أما في الاصطلاح فالطفل وفق قوانين العالم المعمول بها في عصرنا هذا هو كل من دون سن الثامنة عشرة من العمر. وبذلك ينبغي أن يعتبروا أطفالا ويعاملوا بناء على كل ما يتعلق بحياة الطفولة. وعلى ذلك سارت الأمم المتحدة في تعريفها للطفل على أنه كل إنسان دون الثامنة عشرة من عمره ما لم ينص قانون دولة على اعتباره ناضجا قبل بلوغ هذا السن. ولكن تحديد مرحلة الطفولة بسن معين لا يسعف المربين بدقة حين التعامل مع أصحاب تلك المرحلة. وبالتالي فان تحديد هذه المرحلة بمستوى معين من النضج يكون أكثر دقة وأسهل توضيحا. ولذلك فان الإسلام قد حدد مرحلة الطفولة بسن البلوغ. فالطفل هو الصبي حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم ويصل إلى مرحلة البلوغ, "وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم".
وهنا إشارتان أساسيتان:
الأولى: أن مرحلة الطفولة البشرية مرحلة طويلة جدا. فإذا ما قيست بالبلوغ فإنها لن تقل عن اثنتي عشر سنة في الغالب وقد تمتد إلى أربع عشرة سنة. ومقارنة ذلك مع مختلف الكائنات الحية التي تكون فترة الحضانة عندها بضعة ساعات أو بضعة أيام وقد تصل إلى شهر أو شهرين أو يزيد قليلا وقد لا تكون عندها فترة للحضانة أصلا! فمقارنة هذه بتلك يوضح أن طفولة الإنسان ستكون طويلة بشكل بين. إن طول مرحلة الطفولة عند الإنسان يشير بشكل واضح إلى أن هذا الكائن يهيأ لأمر عظيم وقضية كبرى, تحتاج لإعداد دقيق وطويل الأمد, كي يكون قادرا على حمل الأمانة التي خلقه الله لها, وكي يتمكن من عمارة الأرض وتحقيق الخلافة المقصودة لوجوده. إن عظم المسؤولية الملقاة على الإنسان يحتم على أصحاب التربية والرعاية أن يأخذوا المسألة بجد واهتمام كبيرين كي يتحقق الهدف كما يراد له.
والثانية: أن الصبي والى أن يصل مرحلة البلوغ ينبغي أن يعامل ضمن متطلبات هذه المرحلة الحساسة. على الأطفال أن يعيشوا طفولتهم بكل ما فيها من حركة وحيوية ولعب ومرح وحب وعطف وحنان وغيرها من حاجيات الأطفال الأساسية. وعلى أولياء الأمور والمربين أن يهيئوا الفرصة المناسبة للأطفال كي يلبوا أساسيات طفولتهم. إن بعض أولياء الأمور يظنون أن الطفل وخاصة الذكور منهم إذا ما بلغ سن التاسعة أو العاشرة أو يزيد على ذلك بقليل فانه أصبح رجلا, ولا يقبل منه ما يمكن أن يقبل من الأطفال. جميل أن ننظر إلى أطفالنا أنهم رجال بعيوننا ولكن تعاملنا معهم ينبغي أن يبقى ضمن ما تحتاجه طفولتهم وحتى بعيد مرحلة البلوغ بفترة سيتم الحديث عنها فيما بعد.