تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

ماهية الديكور

إن تنظيم الديكور الخاص بمكاتب العمل يعتبر من الفنون التطبيقية الجميلة التي تعتمد في كثير من تصميماتها على الفن و الهندسة, التي تعنى بكل ما يخرجه الإنسان بعبقريته من أفكار وتصورات ولوحات. الديكور هو عملية تهدف إلى ملء الفراغات الموجودة في مكان العمل من خلال تنظيم الأشياء والتجهيزات الأساسية مع باقي الكماليات الجمالية للوصول إلى أفضل صورة تحقق أفضل انطباع نفسي وجمالي ممكن. من هنا فان تصميم الديكور بشكل عام يبدأ بمجموعة من الأفكار والتصورات المرتبطة بتصورات مطلوبة يراد ترجمتها إلى مناظر طبيعية وأشكال هندسية، تشكل لوحة فنية متكاملة تساعد على تحقيق أكبر قدر ممكن من الكفاءة والجودة في العمل. كما يمكن أن يعرف بأنه "فن معالجة الفراغ أو المساحة وكافة أبعادها بطريقة تستغل جميع عناصر التصميم على نحو جمالي يساعد على العمل داخل المبنى". ويشار هنا الى أهمية التأثير المرجو من تصميم الديكور على طبيعة العمل وآليته, بالاضافة الى ما يمكن أن يهيئه هذا التصميم من جو ايجابي مناسب للموظف يدفعه الى زيادة انتاجيته وانجازاته.

 

التخطيط للتصميم

إن عملية تصميم الديكور والتخطيط له هي أولى المراحل في الترتيب والأهمية عند القيام بعمل ديكور ما. وعلى التصميم وحده يتوقف نجاح الديكور أو فشله, فقبل البدء بالعمل وشراء الأثاث اللازم لهذا المكتب مثلا فانه يجب وضع تخطيط أولي للمكتب ولمساحته وفراغاته وارتفاعه وكل متعلقاته. بعد ذلك يتم وضع خطوط أولية لفكرة الديكور لهذا المكتب بحيث يتم مراعاة عدة أمور في هذا التخطيط أهمها:

1- تحديد طبيعة المكتب بدقة ومعرفة مجال عمله ونوعية الزبائن الذين سيقصدون هذا المكان. فتصميم مكتب لعيادة طبية يختلف تماما عن مكتب لمؤسسة تجارية أو ثقافية أو رياضية أو نحوها, من حيث نوع كراسي الجلوس للانتظار مثلا, فهناك ما هو رسمي وما هو ذو طابع اجتماعي, فجلوس المريض لن يكون مساويا لجلوس الباحث المثقف أو الرياضي النشط.

2- تحديد الفراغ الداخلي للغرفة بحيث يتم مراعاة مناسبة الأثاث له عند اختياره من حيث الحجم والارتفاع والكمية. فأثاث محدود في مساحة واسعة قد لا يبعث الراحة في النفوس, كما أن اكتظاظ الأثاث في مساحة ضيقة قد يعيق التحرك بشكل كبير.

3- دراسة اللون الخاص بالأثاث بحيث يتناسب مع لون الستائر والجدران ومواءمته مع بقية ألوان الغرف والمساحات اللونية الأخرى, لما للألوان وتناسقها من أثر نفسي كبير على الموظفين عموما.

4- مراعاة التكامل الشكلي في نوعية الأثاث بحيث يتناسب والشكل العام لبقية الأثاث في المكاتب الأخرى وبحسب المساحات أيضا. فمثلا لو تم اختيار الديكور لمكتب ما بتصميم تقليدي فلا بد أن ينطبق ذلك على بقية المكاتب, وكذلك لو تم اختيار نمط حديث للديكور فينبغي أن يعمم ذلك على باقي مكاتب المؤسسة, إلا إذا كانت الضرورة تقتضي غير ذلك بحسب طبيعة المؤسسة ووظيفتها.

 

الألوان والديكور

إن للألوان تأثير كبير على نفسية الشخص ومزاجه وسلوكه. ويؤكد هنا بعض الباحثين أن السبب الرئيس في تغيير المزاج نابع أساسا من طبيعة الألوان الموجودة في البيئة المحيطة به. وان تحديد الألوان و تنسيقها بين مكونات المكتب المختلفة يعتبر القضية الأهم التي يواجهها مصمم الديكور. فاختيار اللون الأحمر مثلا من بين الألوان يلفت الانتباه بشكل كبير, ويعطي انطباعا للحيوية والطاقة وإحساسا بالنشاط والقوة. وقد أشارت بعض الدراسات التي أجريت على الغرف الدراسية الخاصة بالأطفال أن تلك التي طليت باللون الأحمر سببت نشاطاً كبيراً لدى الأطفال الذين يقطنونها. بالإضافة إلى أن اللون الأحمر يمكن أن يؤثر على الأداء في أماكن العمل ويرفع من معدلاته, ومن المعتقد أن لون المكتب الأحمر يكون أكثر تحفيزا ويشي بالقوة, الا أن هذا اللون لا يناسب الكثير من المؤسسات. بالمقابل يضفي اللون الأزرق على الموقع هالة من الهدوء والسكينة والطمأنينة كونه يمثل لون السماء والبحر الذي يناسب المساحات الواسعة والمستخدمة للتأمل والتفكر والتخطيط بعيد المدى. أما اللون الأخضر فانه لون الحياة الذي يوحي بالجمال والنماء, ولون الطبيعة في أبهى حللها والتي تستحضر في الذاكرة الأجواء المبهجة والمزينة بالزهور والأشجار والنباتات. أما اللون البني فانه رمز الطبيعة والأرض أيضا وبالتالي فان استخدامه في أثاث المكاتب يضفي مظهرا رائعا على المكتب كونه يدل على الرسمية وكثير من الاتزان. وأما اللون الأبيض فهو أكثرها وضوحا، وهو لون النقاء والوقار ويمكن استخدامه كخلفية للكثير من الألوان كالأزرق أو الأخضر أو البرتقالي أو غيرها لتشكل لوحة فنية رائعة.

 

تغيير الديكور.... والإبداع

ان أي مؤسسة قد تصاب أحيانا ببعض الظواهر السلبية كالإحباط عند الموظفين وغياب الشعور بالأمل, والملل تارة وكثرة المشكلات بمختلف أنواعها تارة أخرى, وقد يتفشى الروتين في العمل عند الكثيرين. عند مثل هذه الظواهر التي تنم عن خلل ما, لا بد من التفكير بطريقة غير مألوفة لحل هذه المسألة. يقولون إن الشخصية الإبداعية تكره الروتين وترغب الإتيان بالجديد باستمرار. وهنا يمكن أن يكون الإبداع هو "العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعيا". وبناءا على ذلك فان المبدع يحب أن يجدد من أساليب حياته, في طريقة لبسه على أن لا تتنافى مع عاداته الأصيلة, وفي توزيع أوقات يومه كي يزداد استثمارا لهذا اليوم أفضل مما سبقه, وكذلك في ترتيب بيته أو غرفته مثلا, كأن يغير مكان المكتب أوالمكتبة أوالخزانة أوالسرير, فتظهر الغرفة بمظهر جديد كفيل أن يغير من نفسية الشخص ويدفعه للتفكير في قضاياه بشكل أكثر عمقا ودقة. أما على صعيد تغيير ديكور المكاتب في مختلف المؤسسات فان المقصود به ابتداءا الديكور الشكلي الدال على المظهر وليس الجوهري المتعلق بالأجهزة والمعدات, إلا إذا اقتضت الحاجة إلى تغييره لقدمه وعدم صلاحيته للاستعمال, أو أن وجوده أصبح يعيق العمل بكفاءة واقتدار. إن مثل هذا التغيير قادر على تغيير الروتين الذي اعتاد أن يراه الموظفون كل يوم, وهو كفيل أيضا أن يبعث في نفسياتهم التفاؤل والأمل نحو التطور والتنمية والتقدم إلى الأمام, ما دام أن هناك من المواد ما يتغير. إن هذه العملية إشارة إلى أن القائمين على المؤسسة لا يحبون السكون إلا على المبادئ الراسخة, أما ما سوى ذلك فان التغيير مآله, لأن ذلك سيدفع الموظفين على التفكير دوما في آليات التغيير المستمر سواء في أساليب العمل أو طرق تحقيق الأهداف وغيرها من مجالات التغيير.

 

ورغم ذلك فان هناك من يعتبر تغيير ديكور مكان العمل رفاهية وترفا لا داع له إطلاقا. وربما يكون صاحب هذا التفكير تقليديا لا يحب التطور والتغيير, أو أنه ينظر اليها من زاوية مادية فيريد الاقتصاد في المسألة قدر المستطاع. ان التقليدي اذا أراد الاستمرار فلا بد له من مواكبة التطور باستمرار. وان المادي لا بد أن يعرف أن الانفاق على مثل تلك الأفكار ستزيد المؤسسة انتاجا وانجازا ويضمن لها الاستمرار.

 

في ضوء تلك التأثيرات الايجابية والعملية الناجمة عن فلسفة تغيير الديكور فانه يعتبر ضرورة في المؤسسات تزيد من رونقها وبهائها وترفع من همة موظفيها على أن لا يكون فيه مبالغة. وذلك لأن المبالغة فيه ستصرف الناس عن التركيز في الجوهر المطلوب وتدفعهم للاهتمام بالمظهر الخارجي وحسب. إضافة إلى أن تلك المبالغة ستكلف ميزانية كبيرة ربما تثقل كاهل المؤسسة على حساب ما هو أكثر أهمية وجوهرية منه.