طباعة
المجموعة: مقالات ادارية
الزيارات: 3633

تقييم المستخدم: 5 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجوم
 

حقيقة الإدارة

الإدارة هي تفاعل بين النظام الإداري من جهة والموارد البشرية والمادية من جهة أخرى، ولذلك فهي عملية مستمرة تهدف إلى تحقيق نتائج محددة باستخدام الموارد المتاحة بأعلى درجة من الكفاءة ضمن ظروف موضوعية قائمة أو متوقعة. والإدارة هي العنصر الضروري لجميع أوجه النشاط الإنساني, لذلك فان الفرد والمجموعة كليهما في حاجة إليها، حيث يحتاجها الفرد لتسيير أموره أو أمور من حوله, كما تحتاجها المجموعة لتسيير أمورها وتنظيم وجودها الجمعي. ويعود تقدم الأمم إلى مدى قوة الإدارة التنفيذية فيها. وكما تشير عشرات الدراسات الميدانية فان الإدارة هي المسئولة المباشرة عن نجاح مختلف المؤسسات داخل المجتمع، وبالتالي نجاح المجتمع, لأن ذلك يدل على مدى استثمار الموارد البشرية والمادية بكفاءة عالية وفاعلية.

 

حقيقة المكتب

إن المكتب هو النقطة المركزية الرئيسية لأي منظمة أو شركة أو مؤسسة, وبناء على ذلك فيجب الاهتمام والتركيز على الدور العملي للمكتب خلال عملية تأسيس المؤسسة أو إعادة بناء مكاتبها. وللمكتب مجموعة عناصر من أهمها الموارد البشرية كالمديرين أو الموظفين أوغيرهم من كوادر المؤسسة. ثم الأدوات والتكنولوجيا كوسائل الاتصال الالكترونية المختلفة وأجهزة الحاسوب والبرمجيات, وكذلك البيانات والمعلومات التي تشمل الوثائق والمعاملات الواردة والصادرة وكل الملفات والمخططات والخرائط والنصوص المكتوبة, ثم المعالجة والتشغيل التي تتضمن العمليات التي تتم على الملفات والوثائق والمعاملات مثل الجمع والتصنيف والتسجيل والتوثيق والتوزيع والتحليل والأرشفة الورقية والالكترونية وغير ذلك.

 

وللمكتب دور كبير داخل المؤسسات, ويكون ذلك حسب مهمات الإدارة التي ينتمي إليها المكتب, وحسب مستوى صلاحيات المسئول الذي يخصه هذا المكتب، إلا أنه هناك أدوار مشتركة بين مختلف المكاتب ومن هذه الأمور أنه القناة الإيجابية والفاعلة لنقل المعلومات بين إدارات المؤسسة فيما بينهم وبين المؤسسة والمؤسسات الأخرى. كما أنها الجهة التي تسعى لإقامة العلاقات الفاعلة بين إدارات المؤسسة والمؤسسات الأخرى. ثم انه العنصر الرئيسي المخطط للإدارة من حيث حفظ المعلومات بطرق علمية وعملية، وتزويد الإدارات والمؤسسات الأخرى بها.

إدارة المكتب

تدور إدارة المكتب حول أساليب تنظيم الخطط الاستراتيجية والأعمال المكتبية وترتيبها ودراستها وتحليلها بأسلوب علمي, بهدف تحقيق غايات هذه الإدارة. وهي تعني بالمجمل تخطيط وتنسيق وتحفيز جهود الآخرين لتحقيق الأهداف المحددة في المكتب أو القسم ومسايرتها مع الأهداف العليا للمؤسسة أو الشركة. وهناك عناصر أساسية لإدارة المكتب من أهمها الأهداف الواضحة والمعارف الإدارية والمهارات الإدارية وشبكة الاتصالات والبيئة المكتبية الايجابية ومختلف البرمجيات والأجهزة المطلوبة. أما فيما يتعلق بالمدير فان هناك مجموعة مهارات ينبغي توافرها فيه مثل المهارات الإنسانية التي تتمثل في السلوك الفردي, والعلاقة بالآخرين, وأسلوب التعامل والتفاعل معهم في المواقف الجماعية المختلفة, وسلوك الاتصال والتواصل والقيادة, بالإضافة إلى الخبرات الفنية المطلوبة للقيام بالعمل, وكذلك النظرة الشاملة للأمور والتنسيق بين العناصر والقرارات المختلفة.

 

الاستراتيجية المطلوبة لإدارة المكتب

بناء على ما سبق من ذكر لوظائف المكتب ومهمات المدير, فإننا نخلص بالقول أن مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تدار جميعها من خلف المكتب. إن المكتب مناسب للأعمال المكتبية المجردة كتصميم الخطط والطباعة, والمراسلات وكتابة مختلف الكتب الرسمية والأرشفة وغيرها من الأعمال التي لا تحتاج إلى مهارات إضافية. لكن المدير الناجح لا يمكن أن يقتصر عمله على مثل هذه الأدوار فحسب, ولكنه ينبغي أن يتعداها إلى ما هو أهم منها كبناء العلاقات الاجتماعية مع كل أفراد المؤسسة, وتعميق آليات التواصل والتفاعل بين مختلف إدارات المؤسسة, وممارسة مهارات التحفيز والتشجيع والتعزيز, والعمل على التأثير ايجابيا في الأفراد, وصنع البيئة الايجابية الدافعة للعمل بولاء قوي وانتماء متين. لذلك فلا بد أن لا ينظر للمكتب إلا كأداة لتسيير الأعمال الروتينية, أو للاستقبالات الرسمية والاجتماعات المهنية. وأما ما سوى ذلك فلا بد أن يدار ميدانيا من قبل المدير نفسه. وعليه أن يقتنع بأن العمل الميداني لن يزيده إلا قربا من موظفيه, واحتراما له ولجهوده العملية, وحضورا لشخصه عند مختلف الأحداث والمواقف المؤسسية.

 

لكن البعض يظن بأن المكتب "بريستيج" اجتماعي كبير لا بد منه لممارسة الأعمال الإدارية, مما يزيده هيبة واحتراما عند الناس. صحيح أن المكتب يمكن أن يعطي صورة عامة للشخص, ولكن هؤلاء نسوا بأن القوة ينبغي أن تكون نابعة من الشخص نفسه, فهي ليست مكتسبة خارجيا بل هي قوة ذاتية. فلو وضع الشخص الضعيف في أفخم المكاتب لم يزده ذلك قوة أبدا إلا بالمظهر غير المعتبر. ولو وضع الشخص القوي برؤاه وفكره وحيويته وإرادته وعلاقاته ومهاراته في أبسط المكاتب لم يؤثر ذلك عليه شيئا.

 

إن قيادة العمل المؤسسي تعتبر عملية تحد كبير, وليست مجرد عمليات إدارية روتينية فحسب.  من هنا نؤكد أنه لا يمكن إدارة كل شيء من خلف المكاتب. هؤلاء المديرون الذين يقضون جل وقتهم خلف المكاتب لن يتمكنوا من الاستماع لمشاكل موظفيهم, وهي مهارة قيادية مطلوبة, ولن تصل إليهم المقترحات والأفكار الجديدة, وفي ذلك إبداع مرغوب, ولن يكون بإمكانهم معرفة إمكانيات موظفيهم لتطويرها أو الاستفادة منها, وهي كذلك مهارة قيادية أساسية. ولن يستطيعوا تنفيذ الخطط و البرامج ومتابعتها بدقة من خلال عمليات التمكين والتفويض والإشراف المستمر.  إن الإدارة التي لا يحدها مكتب قادرة على معرفة إمكانيات الأتباع بدقة, وتوظيفها حسب الكفاءة, وقادرة كذلك على متابعة المشكلات أولاً بأول, بل ويكونوا حاضرين قبل وقوعها. وقادرة أيضا على العمل من خلال فريق يستمعون إليه بإصغاء وخاصة عند طرح الأفكار الجديدة.

 

يقولون أن الإبداع هو الإتيان بشيء جديد, وان العمل بمثل هذه الاستراتيجية التي تعتمد الإدارة المتحركة منهجا حتما ستصنع شيئا جديدا, أو على الأقل ستصنع فرصة للنظر إلى المألوف بطريقة غير مألوفة, وبالتالي يتولد الإبداع الإداري. فكما أن البيروقراطية في العمل المؤسسي والالتزام الحرفي في السلم التنظيمي أو التسلسل الإداري وصنع الحواجز بين الموظفين سيسبب حالة من الجمود الإداري, فان العمل الميداني للمدير كفيل أن يدفعه نحو التميز والإبداع ودوام التغيير نحو الأفضل. إن أسلوب التحفيز والتشجيع أثناء العمل سيشعر الموظفين براحة نفسية كبيرة, وان المديرين الذين يبتسمون أو يسلمون أو يصافحون الموظفين بحرارة أثناء قيامهم بمهماتهم, ويقررون مكافأتهم برحلة اجتماعية ترفيهية أو الاحتفال بإنجازاتهم ونجاحاتهم أؤلئك كفيلون لصنع البيئة الايجابية الدافعة نحو العطاء المستمر والإبداع الدائم.