تقييم المستخدم: 3 / 5

تفعيل النجومتفعيل النجومتفعيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

سمات الشخص الناجح

تحقيق النجاح في الحياة هو غاية كل طموح في هذه الدنيا. والشعور بالوصول إلى النجاح غريزة في كل شخصية سوية. لذلك فموضوع النجاح ماهيته ومقوماته وكيفية تحقيقه أصبح من القضايا ذات الأهمية إن في مستوى الأفراد أو في مستوى المؤسسات.

 

نستطيع أن نقول أن النجاح هو القدرة على تحديد الأهداف الشخصية والمهنية والحياتية بشكل عام والعمل الدؤوب لتحقيق هذه الأهداف بشكل دقيق. هناك الكثير من الناس لم يتمكن من تخطي المرحلة الأولى وهي تحديد الأهداف. كم من شبابنا لا يعرف ما يريد وما الذي يريد تحقيقه والى أين يريد أن يصل وما التخصص الذي ينوي دراسته بل وما المجال الذي يجب أن يحدده لمستقبله ناهيك عن كيف ينبغي أن يرسم مستقبله ويسير قدما لتحقيق أهداف حياته المستقبلية.

 

من هنا تأتي أهمية القضية. وبهذا الصدد فاني أؤكد أن غرس الطموح لتحقيق الأهداف الحياتية والشعور بالنجاح في الحياة يبدأ منذ السنوات الأولى المبكرة من حياة الطفل. لذلك فهي في المقام الأول مسؤولية الوالدين الذين ينبغي أن يزرعا حب التفوق والتقدم والانجاز في نفوس الأبناء بجانب مسؤولية المدرس في أي مؤسسة تعليمية في اتمام هذه المهمة لرفع مستوى الأجيال القادمة الى أعلى المستويات. ان شخصية الطفل كما يؤكد علماء النفس تصل الى مرحلة اكتمال جوانب الشخصية ما بين السنة الثانية والخامسة من مرحلة الطفولة, وما بعد ذلك كله يبنى على ما قد أسس عليه الطفل. ومن هنا تأتي أهمية التأكيد على غرس الطموحات في نفس الطفل في سنوات عمره الأولى وترسيخ ذلك في سنوات مدرسته الأولى أيضا. وأعتقد أنها مسؤولية كبيرة على عاتق كل مربي يشعر بالمسؤولية في اخراج جيل طموح ينشد النجاح والتميز والتفوق في حياته ومستقبله لصالح نفسه ومجتمعه وأمته.

 

ان للنجاح مقومات كثيرة من أهمها تحديد الرؤية المستقبلية والوجهة الحقيقية للفرد, فان ذلك سيكون دافعا ومحفزا قويا له كي يبذل قصارى جهده للوصول الى ما يريد. ولا بد أن تكون هذه الرؤية في مستوى عال ولكن قابل للتطبيق. فكلما كانت الرؤية كبيرة كلما كان التحفيز كذلك. هذه الرؤية أيضا يجب أن تكون مفهومة وواضحة وقابلة للتحقيق والقياس في آن واحد. في هذا الشأن نجد أن الامام البخاري رحمه الله قد بدأ يفكر بجمع الأحاديث الصحيحة للنبي صلى الله عليه عليه وسلم ولم يتجاوز حينها الرابعة عشر من عمره. وبنفس الاطار فان رؤية محمد الفاتح القائد العظيم كانت وبوقت مبكر من عمره حين كان في الخامسة من عمره كانت تلك الرؤية كبيرة وواضحة تمثلت بفتح القسطنطينة.

 

كي نصل للنجاح كذلك لا بد من صنع البيئة الإيجابية المحفزة حول الفرد الذي ينشد النجاح. والإيجابية هنا هي النظر إلى الأشياء والأشخاص والأحداث نظرة فاعلة مؤثرة, مع استثمار كل الإمكانيات التي يمكن الاستفادة منها للارتقاء نحو الأفضل, وتقدر المعيقات والسلبيات التي قد تطرأ لمواجهتها والتغلب عليها. إن ثقافة التيئيس والإحباط والسلبية والتشاؤم لا يمكن أن تصنع نجاحا. بل على العكس فان ذلك سيصنع تقهقرا وتراجعا في شخصية الفرد. لذلك فان من ينشد النجاح عليه أن يكون إيجابيا ومتفائلا وقادرا على أن ينظر إلى بعيد المستقبل بكثير من الأمل. إن شباب اليوم بأمس الحاجة إلى فلسفة "وهزي إليك بجذع النخلة" (سورة مريم: آية 25). تلك الفلسفة الدافعة إلى العمل الدؤوب بإيجابية رغم كل الصعاب المحيطة بالحياة البشرية. إن مريم عيها السلام كانت في أضعف حالات أيامها ولا أعتقد أن هزها للجذع حقيقة هو الذي أسقط الثمرات لكن إيجابيتها وما بقي عندها من قوة إرادة وتصميم على الإنجاز هو الذي فعل ذلك بتوفيق من الله الذي علم حقيقة هذه الإرادة.

 

النجاح كذلك بحاجة الى نوع من التحدي. ابتداءا فلنقل تحدي الروتين الممل. فعلى من ينشد النجاح والتفوق أن يأتي بشيء جديد فيه تميز وابداع. ثم تأتي أهمية تحدي المثبطين والمعوقين الذين لم يعتادوا على تحقيق الانجازات. أؤلئك الذين يخافون من التجربة والمجازفة محسوبة النتائج. أؤلئك الذين لا يعرفون للجرأة والمحاولة طريق. انه تحد ليس بالهين ولكن على صاحب الهمة والارادة والتصميم أن يواجه ذلك باصرار واقدام ومواصلة نحو العلا. الاستفادة من تجارب الآخرين مهمة قطعا لكن المحاولة في الجديد كذلك مهمة. ان الشعور الحقيقي بالتحدي كفيل أن يدفع نحو تذليل الصعاب والمعوقات وبالتالي الوصول الى النجاح.

 

ان الشعور بالمسؤولية هو واحد من مقومات النجاح الرئيسية كونه سيكون لا محالة دافعا نحو التفكير المستمر نحو المستقبل وتحقيق أهدافه. ان الشعور بالمسؤولية نابع ابتداءا من وضوح الأهداف عند الفرد وقناعته بها. هذه القناعة هي التي ستولد الدافعية والتحفيز نحو التقدم الى الأمام. وفي نفس السياق فان الفرد الذي يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه مجتمعه وأمته يعترف بالفشل والاخفاق ان حصل. ذلك أنه يصبو الى تحقيق الأفضل وفي أعلى المستويات. وفي هذه الحالة فان الفشل عند هو خطوة الى تحقيق الانجاز ولا يكون الاخفاق هنا الا بداية النجاح في محاولة مستمرة أخرى. وبذلك فان الفرد المقتنع بأهدافه لا يعرف للفشل أواليأس طريق.

 

الأمل والتفاؤل من مقومات النجاح كذلك. لذلك فان "تبسمك في وجه أخيك صدقة" لا تعود على من كانت الابتسامة لأجله بل على صاحب الابتسامة أيضا. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يريد من هذه الأمة أن تبقى صاحبة أمل وتفاؤل , لذلك يقول في حديث آخر: "ويعجبني الفأل الصالح". ولنتمعن في هذا المقام دعاء نبي الله سليمان عليه السلام: "رب اغفر لي واجعل لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي" (سورة ص: آية 35) لنرى الأمل الكبير الذي يعتبر نتاج طموح عال وكبير.

 

اضافة الى ذلك, فان النجاح لا يمكن أن يصل الى مداه بدون ارادة صلبة قوية. الارادة الصلبة هي تلك التي تصنعها التحديات التي تمر بالانسان في حياته. فرغم كل التحديات التي مرت بنبي الله يوسف عليه السلام من كره اخوانه له ورميه في غيابة الجب وبيعه كعبد وفتنة كبيرة ودخول سجن الا أن ارادته القوية أبت عليه الا أن تخرجه متحديا لكل المعوقات وناجحا في حياته لادارة الدولة على اتساعها.

 

بمثل هذه النماذج العظيمة يمكن لشباب اليوم أن يقتدوا ويقتفوا الأثر النفيس من أجل إخراج جيل يأبى على نفسه الهوان ولا يرضى لها إلا العزة والنجاح والتفوق نحو العلا. وليكون كل واحد منهم رقما صعبا في تعداد هذه الأمة. إن الشاب الطموح لا بد له من برنامج عمل مكتوب يبدأ بتحديد دقيق للرغبات الشخصية والمهارات الذاتية, فان ذلك يشعر الفرد بحقيقة السعادة في الحياة. وبناء على ذلك يمكن للفرد أن يحدد الأهداف الشخصية التي يصبو لتحقيقها بعد أن توضحت لديه الرؤيا من حياته ومستقبله كما بينا آنفا. هذه الأهداف ينبغي أن تتوزع على مستويات عدة. فبعضها يحتاج إلى شهر أو أقل وبعضها يحتاج إلى بضعة أشهر وبعضها إلى سنة والبعض الآخر إلى خمس سنوات ويمكن أن يزيد على ذلك. إن وجود هذا التخطيط وأؤكد أن يكون مكتوبا سيكون حافزا قويا للفرد من أجل السعي بهمة وإرادة نحو النجاح وتحقيق الأهداف والشعور بعظمة الإنجاز. إن الحياة التي تخلو من نجاحات هنا وهناك لا طعم لها, كما أن الفرد الذي لا إنجازات له على الواقع لا فائدة منه في الغالب. ومثل هذا لن يتمكن من ترك بصمة إيجابية على الواقع الذي يعيشه. إن الحياة مليئة بالنجاحات لكنها تنتظر من يقتنصها ويترك بصمة عليها ليكون دوما رقما صعبا لا يمكن تجاوزه.

مراجع مقترحة:

  • التدريب نحو النجاح: طريقك للوصول إلى أهدافك الشخصية والمهنية, هاينزرا يبورتس, تعريب سامر نصري, الرياض: مكتبة العبيكان, 2004.
  • الشخصية والنجاح, سهيل محمد العزام, اربد: د. ن., 2006.
  • صناعة النجاح: رحلة نجاح القرن الحادي والعشرين, طارق السويدان وفيصل عمر باشراحيل, جدة: دار الأندلس الخضراء, 2000.
  • فن التفوق والنجاح, أحمد البراء الأميري, الرياض: مكتبة العبيكان, 2005.
  • النجاح بعد العقبات, جيل لندنفيلد, الرياض: مكتبة جرير, 2004.